اللغة الأم

بداية، ما ستقرأؤنه في هذه السطور قد يبدو كصوت الاسطوانة المشروخة من كثر ما أعيد عزفها، وآخر ما أسعى إليه هو الاجترار وتضيعة وقت القارىء، لكن في القلب غصّة ولا بد من أن أجد لها مخرجا.

أعرف أن لغة العصر والعلم والطبّ و، و، و، هي الإنجليزية بلا منازع. كما أعرف بأن لغة أهم وسيلة للتواصل بين أصقاع الكرة الأرضية الإنترنت هي الانجليزية. وأعرف تماما كم هو مهم لأي شخص حريص على تطوير نفسه مهنيا وماديا أن يكون متمكنا من هذه اللغة إلى حد بعيد. لكن لم أتعرف بعد على شعب على وجه هذه البسيطة يتعمد التقليل من شأن لغته الأم وتجاهلها وعدم محادثة أبناءه بها أكثر منا أبناء شعب الضاد!

وأعترف في هذا المقام أنني، كالعديد من أبناء جيلي، أجد نفسي يوميا وبحكم أمور ومعطيات عديدة أنتقل لا شعوريا إلى الحديث بهذه اللغة التي اكتسحت جميع حصوني اللغوية فباتت جزءا من بطاقتي الشخصية. وما أسهل من أن يطلق لك الآخرون العنان، Hi من هنا و See you later من هناك وDid you watch the Oprah last night وهلّم جرا!

و من المفارقات المضحكة المبكية أن البعض يصر على التحدث بالإنجليزية مع أن إلمامه بها لا يتعدى الكعكة المنسوبة إليها! فيستخدمها في كل مناسبة ومن غير مناسبة لتخرج جمل تنشرخ لدى سماعها الأذان مثل What your Baba do today? و We will transaction into the new year ورائعة سمعتها قبل أيّام He can go to the hill

وأرجو أن يفهمني القرّاء الأعزاء: ليس المقصود هنا السخرية من الآخرين بقصد الاستهزاء بقدراتهم لكن لم نضع أنفسنا في مواقف سخيفة للتباهي أو الاستعراض لا ينتج عنها سوى الإحراج!
وأي إحراج؟ّ!

اللغة ليست مرتبة اجتماعية أو مقياس ثقافة أو (برستيج) أو حتى أداة تواصل.
اللغة ثقافة وانتماء وحضارة ودين ووطن وحياة.